الدراسات اللغوية وتطلعاتها في القرن الحادي والعشرين

د. فليح مضحي السامرائي

شهدت الدراسات اللغوية إبّان القرن العشرين تطورات هائلة فيما اصطلح عليه بعلوم اللسانيات، إذ قفزت هذه الدراسات قفزات كبيرة انتقلت بالدرس اللغوي اللساني من مرحلة تقليدية ذات اهتمامات قديمة في قضايا اللغة إلى مرحلة حداثية باهرة، وأصبح الدرس اللغوي يتدخّل في الجانب الثقافي فضلا عن الجانب اللغوي والصرفي المجرّد، وهو الجانب الذي يمنح اللغة أهمية كبيرة في حياة البشر وانشغالاتهم الثقافية الإنسانية، إلى جانب اهتمامها بالناحية العلمية أيضاً، وهكذا تحولت الدراسات اللغوية إلى مشاريع لتوكيد هوية اللغة على مستوى اللفظ والصوت والدلالة، والدخول في سياقات لسانية جديدة تجعل من اللغة صورة للإنسان في أرقى تجلياته البشرية.

ومن هنا فإننا نتطلّع إلى قفزات جديدة على هذا المستوى في القرن الواحد والعشرين تضاهي ما يحصل في كل العلوم والمعارف الأخرى، ولاسيما في وسائل الاتصال الحديثة التي تحظى بتطورات يومية قد لا يمكن تمثّلها واستيعابها بسهولة، فاللغة هي الكائن المرافق للبشرية منذ ولادتها، وتطورها المستمر يعني تطور الحالة الإنسانية للبشر.

 وإذا كانت لكل لغة في العالم قوانينها الخاصة فينبغي البحث عن مشتركات لغوية لسانية بين لغات العالم بأساليب حديثة، بحثا عن سبل جديدة لتقريب هذه الشعوب من بعضها عبر اللغة، والعمل على اكتشاف طرق حديثة تكون اللغة فيها عاملَ سلامٍ وتسامحٍ وتفاعلٍ ورقيّ وإنتاجٍ أبعد من مجرد كونها وسيلة للكلام والتفاهم بشكلها العام.

 اللغة كيان رائع وعميق وشامل وشاسع لو عرفنا كيف نطوّر إمكاناتها وكنوزها وطاقاتها الرمزية والسيميائية لاستطعنا أن نصنع عالما أرحب وأجمل وأكثر هدوءاً وأقرب إلى السلام وأبعد عن الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.