مصطلحات الاجتماع وعلاقتها بالدين والتدين

 

sekou-ture-africansmajma-التدين

مصطلحات الاجتماع وعلاقتها بالدين والتدين الحياة جزء لا يتجرأ، لكن قد يضطر الناس إلى تجزيئها، فيقال: الحياة الاجتماعية، والاقتصادية.. والإسلام واحد، لكن قد يضطر الناس إلى التصنيف فيه، فيقال السلفي، والأشعري، والمالكي والحنفي. والدراسات الإسلامية واحدة لكن قد يضطر الناس لتفريعها إلى الكتاب والسنة، واللغة العربية، وأصول الدين والدعوة، والفقه وأصوله، والدين والتدين. الاجتماع وضرورة المصطلحات إعلان بما أن الإنسان اجتماعي بطبعه، و”ليس مقطوعا من شجرة “كما يقال؛ يجد المدقق أنه يترتب على هذا الاجتماع لغة التواصل وعلاقات. تُولّد الظاهرة الاجتماعية مصطلحات لمحاولة وصف هذه العلاقات وأنواعها ودرجاتها بمعالم عامة، رغم صعوبة معرفة ضوابطها الدقيقة. يضاف إلى هذا أنه من العجيب أن يعيش إنسان ما مع مجموعة ما فترة ما؛ ويسود بينهم ألفة ووداد حتى ليُظن أنه لا حياة لأفراد هذه المجموعة بتفرّقها، وما يلبث الزمان أن يفرق بينهم، فينشغل كل عن غيره، وكأن لم يعرف بعضهم بعضا، ويُستبدل بعلاقات أخرى. ما أهم مصطلحات هذه العلاقة الاجتماعية وماذا يمكن أن يتعلم الفرد من هذا، والأهم من هذا كيف يرتبط التدين بذلك؟ مصطلحات العلاقات الأسرية تعتبر الأسرة من أهم دعائم الاجتماع، ونجد فيها المصطلحات الآتية: الزوج: ويتمثل في الرجل والمرأة اللذين ارتضيا قضاء حياتهما معا، بجامع صفات مشتركة هي مظنة المساعدة في تحقيق الهدف والاستمرارية، والمساعدة على تحمل تبعات الزواج. النسب والرحم: يترتب غالبا على الزواج الإنجاب، وتُثمر لغة التواصل بمصطلحات أخرى، مثل الوالدين والأولاد؛ الأم، الأب، الابن، الإخوة. فالأب هو السبب البيولوجي المباشر لبدء عملية تكوين الجنين بالقذف في الرحم أو ما يقوم مقامه مؤخرا. والأم هي التي حملت بيولوجيا بالولد في رحمها. والابن هو النتيجة الطبيعية –بقدرة الله وإرادته ومشيئته طبعا- للعملية السابقة. والإخوة هم كل من يربطهم رابطٌ بالأب والأم أو بأحدهما؛ بجامع الاشترك في رحم الأم، أو قذف الأب في رحم ما. ورابط الرحم يستلزم الرحمة! القرابة: ويتسع النطاق من بعد بمصطلح “ذوي القربى،” وهم الذين يربطهم رابط قرابة الرحم مع بعض، مثل العم والخال وأولادهما، أو رابط القرابة الزوجية من الصهر والحمو. ومعلوم أن العمومة هي أخ الأب أو أخته، والخؤولة أخ الأم أو أخته. والصهر هو أهل بيت المرأة باعتبار زوجها، والحمو أهل بيت الرجل باعتبار زوجه. وقرابة الولادة أقرب العلاقات فالرحم. مصطلحات العلاقات الاجتماعية وإذا ما وسّع الإنسان الدائرة، وخرج من نطاق باب الأسرة، فإنه يقف على ما يأتي: الجار: وهو الساكن قريب منك، أو من يقرب داره دارك. وقد نوسع فنقول هو الدولة التي تقع حدودها مع دولتك. الزميل: وهو الذي يجمع بينكم جامع ما لفترة ما، قد يطول وقد يقصر. مثل جامع الدراسة فيكون أستاذا أو شيخا أو طالبا مثلا، أو جامع العمل فيكون مديرا أو موظفا أو زميلا.. الرفيق: هو تخصيص جار أو زميل ما بما لا يخصَّص به مطلق الجار والزميل، لعلّةً ما. وقد يكون رفيق الدرب، أو رفيق الغربة. وقد يكون مرادفا لـ “الصاحب” “والقرين.” ندع تفاصيل ذلك لمزيد بحث، في مكانه. الصاحب والصديق والخلة: ولنعتبرها كلها بمعنى! وهو تخصيص شخص أو أشخاص مما سبق بمنزلة خاصة، يتناولون تفاصيل أكثر دقة وسرية مع بعض مقارنة مع مطلق الجار والزميل والرفيق، ويكون لعامل الهرولة إلى المساعدة وحل حاجات البعص والوقوف مع بعض وقت الحاجة دورٌ في الفصل بين الصديق ومطلق باقي المصطلحات السابقة. وذلك لدلالة الصدق في الصحبة، ولرقي الشعور أكثر من مجرد عامل حدث معرفةٍ ولقاء! علاقة المصطلحات بالدين والتدين ما تم بيانه هو مجرد وصف لواقعٍ موجود بناءً على الاستقراء، وتكمن العلاقة بين الظاهرة الاجتماعية والدين والتدين فيما يأتي: لا خيار للإنسان في اختيار أغلب أعيان شخصيات هذه المسميات؛ الأب والأم والابن والإخوة والجار مثلا، والزوج باعتبار أنه مكتوب، وقسمة ونصيب: “وخلق منها زوجها” “من نفس واحدة”. وللإنسان خيار في اختيار بعضهم كالصديق. لا عجب أن يُربط مبدأ التعامل بالإحسان بين مجموع هذه الأفراد. وإنّ أغلب هذه العلاقات مرتبطٌ بالنفع وقضاء الحاجات. “يوم لا ينفع مال ولا بنون.” “من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة” “يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه..” لأن الأصل هو أن العلاقة تحملهم على نفع بعض البعض، والتعامل بإحسان، وسد ثغرة العجز الفردي والضعف الإنساني. والتعاون وقضاء الحاجات مطلب اجتماعي حتمي قبل أن يتوج بتاج الدين والتدين. ودور الدين والتدين هنا التهذيب والتزكية! قد تنوب أشخاص آخرون مكان هذه الشخصيات، ومن هنا يقال: “رب أخ لك لم تلده أمك” و”رب أب وأم لم يلداك” إلخ.. وقد ربط الإسلام الميراث أولا بأخوة الإسلام. هذه المصطلحات موجودة في كل لغة من لغات العالم. الوحي ينزل على كل نبي ورسول بلغة أصحاب الاجتماع لا محالة؛ لعلّةِ الإفصاح والبيان. للغة –تبعا لذلك- ودلالاتها أثر على الدين والتدين. وهي إحدى أسباب الاختلاف في فهم الدين “العقيدة” وفي استنباط الأحكام العملية من بعد “التدين.” والآية الآتية نموذج يجدر أن نفكر فيه: قال تعالى: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون. وقال أيضا: ” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا.” أخيرا لنتدبر معا قول الإمام ابن كثير: “عن ابن عباس: {والجار ذي القربى} يعني الذي بينك وبينه قرابة، {والجار الجنب} الذي ليس بينك وبينه قرابة. وكذا روي عن عكرمة، ومجاهد، وميمون بن مهران، والضحاك، وزيد بن أسلم، ومقاتل بن حيان، وقتادة. وقال أبو إسحاق عن نوف البكالي في قوله: {والجار ذي القربى} يعني المسلم {والجار الجنب} يعني اليهودي والنصراني رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم. وقال جابر الجعفي، عن الشعبي، عن علي وابن مسعود: {والجار ذي القربى} يعني المرأة. وقال مجاهد أيضا في قوله: {والجار الجنب} يعني الرفيق في السفر.” فانظر كيف للغة أن تؤثر على “التدين” من حيث الدلالة والفهم وإصدار حكم!

المصدر: مجمع الأفارقة

http://africansmajma.com/2015/09/24/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D9%88%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.