النفط الرقمي

Yousef El-Ebiary

الدكتور يوسف الأبياري 

أستاذ مساعد بكلية الحاسب الآلي وتقينية المعلومات

وعميد الشؤون الطلابية بجامعة المدينة العالمية 

إن تسمية البيانات بالنفط أراه ملائماً لما تشهده من أهمية لا تقل عن منافستها في عصرنا الحالي، وكذلك الإرتباط في عمليات البحث عنها، واستخراجها، والعمل عليها، ويصح أن نقول تكريرها أي الاستفادة من كل عنصر بها حتى يصل بها الحال إلى معلومة يتوفر فيها الصحة والدقة والأهمية، كي ترتقي بنا إلى مستوى المعرفة، ومن ثم الحكمة.

فمن أجل تطبيق هذه العملية وتطويرها، قد نشأت إدارة جديدة بشركات تكنولوجيا المعلومات، تسمى بـ “علم البيانات”، والتي تعنى بإدارة واستخدام هذا الكم الهائل من البيانات، والذي وصل إلى 2.8 تريليون جيجابايت يومياً، بحسب أحدث الإحصائيات الدولية. ويأتي دور علم البيانات في ظل هذه الوفرة من البيانات اليومية بإدارة وتوثيق الأفعال، عن طريق مراقبة سلوك الإنسان بشكل يجعله وكأنه يعيش مع المستخدم يومه، ويتعرف عن كسب على ثقافاته واهتماماته وشؤونه ومزاجه الشخصي، ومن ثم يفهم أنماط المستخدمين والاستفادة منها علمياً ونفسياً وتحديداً ميتافيزيقياً.

غالباً ما يركز عليه علماء البيانات هي البيانات التي تكشف عن سلوكيات البشر من خلال استخدام التكنولوجيا بجميع صورها، وهذا عن طريق التنقيب عن تاريخ المستخدم بأرشيف التطبيقات، وذلك بغرض البحث عن أنماط خفية يمكن استخدامها لبناء خوارزميات. فعلى سبيل المثال يدرس علماء البيانات في مجال الاتصالات تاريخ العملاء الذين قد اتخذوا قراراً بالتخلي عن خدمات شركتهم في محاولة منهم لإيجاد الأفضل، فهنا يأتي دور إدرة البيانات بإيجاد نمط يشرح لماذا قاموا هؤلاء العملاء بترك شركتهم. ومن ثم صياغة خوارزمية يتم تطبيقها على مجموعة من البيانات لإنتاج تحليلات تنبؤية عن العملاء الذين يٌحتمل أن يتخذوا نفس النهج، فتسمح نتيجة التنبؤات بإيجاد مواضع الخلل وإيجاد الحلول المثلى لإصلاحها استراتيجياً لغرض الحفاظ على عملائها الحاليين.

وعلى نطاق أوسع، غالباً نتساءل كيف هناك بعض الدول المتقدمة تعلم عن دول أخرى الكثير من التفاصيل، ويمكن أن نقول أنها تعلم أكثر ما تعلمه هذه الدول عن أنفسها؟ الجواب ببساطه ليس سحر ولا تجسس إنما “البيانات”، لأن تحليل البيانات يٌمكن هذه الدول المتقدمة من رسم خطوط دقيقة عن اهتمامات، وثقافات، ومسار هذه الدول، وشعبها بأكمله.

فبعض الدول المتقدمة الآن تعمل جاهدة على تطوير هذا العلم، وجمع البيانات، ومن ثم تصنيفها حسب التخصصات والاهتمامات، لتبدأ بتسويقها للمؤسسات ذات الصلة، وبمبالغ طائلة، ولكن ليست بالمرميل كالنفط ولكن بالجيجابيت، فلا يوجد مجال الآن في عالمنا لمعايير القياس الفيزيائي ولكن المستقبل للمقاييس المنطقية والفرضية.

فهل تشاركني الرأي الآن عزيزي القارئ أن البيانات لا تقل أهمية عن النفط في عصرنا الحالي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.